مولد النبي محمد وحياته ﷺ

 تفاصيل موسعة عن حياة النبي محمد ﷺ، مقسمة إلى مراحل مفصلة:

 1. مولده ونشأته

**مولده**: وُلد محمد بن عبد الله بن عبد المطلب في مكة المكرمة، في صباح يوم الاثنين، الموافق 12 ربيع الأول من عام الفيل، ما يعادل تقريبًا عام 570 ميلادي. وُلد في بيت بني هاشم في شعب مكة. كان عام الفيل يشهد محاولة فاشلة من أبرهة الحبشي لغزو مكة وهدم الكعبة، وهي محاولة أحبطها الله بمعجزة طيور الأبابيل.

 **الأسرة**: والده هو عبد الله بن عبد المطلب، الذي توفي قبل مولده أثناء رحلة تجارية إلى الشام. والدته هي آمنة بنت وهب، من أسرة نبيلة في قريش.

**رضاعته**: أرضعته السيدة حليمة السعدية، وهي من بني سعد بن بكر. كانت فترة رضاعته في البادية تجربة عظيمة لنموه الجسدي واللغوي في بيئة عربية أصيلة.

 2. طفولته وصباه

**اليتم المبكر**: توفيت أمه آمنة بنت وهب عندما كان في السادسة من عمره، لينتقل إلى كفالة جده عبد المطلب، الذي أحاطه بالرعاية والحنان.

 **وفاة جده وكفالته من عمه**: توفي عبد المطلب عندما كان النبي في الثامنة من عمره، فتولى عمه أبو طالب كفالته. كان أبو طالب يحبه حبًا شديدًا، وحماه ورعاه طوال فترة طفولته وشبابه.

 **رعي الأغنام**: عمل محمد ﷺ في رعي الأغنام عندما كان صغيرًا. هذه التجربة علمته الصبر والهدوء وحسن التدبير، وكانت مصدر دخل له يعينه على الحياة.

 3. شبابه وعمله بالتجارة

 **السمعة الحسنة**: اشتهر النبي في شبابه بصدقه وأمانته، حتى لُقّب بـ"الصادق الأمين"، وهو ما جعله محل ثقة واحترام بين قريش.

**عمله في التجارة**: عمل في تجارة السيدة خديجة بنت خويلد، وكانت من أثرياء قريش. أدارت خديجة تجارة كبيرة، واختارت النبي محمد لإدارة إحدى قوافلها التجارية إلى الشام بعد أن سمعت عن أخلاقه وصدقه.

 **زواجه بخديجة**: بعدما رأت خديجة حسن أخلاقه وأمانته في التعامل، عرضت عليه الزواج، وتزوجها وهو في الخامسة والعشرين من عمره، بينما كانت هي في الأربعين. كانت خديجة أول زوجاته وأم أبنائه، وأول من آمن بدعوته عندما بُعث.

 4. بعثته ونزول الوحي

**التحنث في غار حراء**: كان النبي ﷺ يتعبد في غار حراء، وهو كهف في جبل النور، بحثًا عن الحق والسكينة. بدأت هذه العادة قبل سنوات من البعثة.

**نزول الوحي**: في سن الأربعين، جاءه الملاك جبريل في غار حراء، ونزلت أول آية من القرآن: *"اقرأ باسم ربك الذي خلق"* (سورة العلق، الآية 1). كان هذا بداية الوحي وبداية الرسالة.

**الصدمة الأولى**: عاد النبي إلى بيته خائفًا مرتجفًا، فهدأته السيدة خديجة وأخذته إلى ورقة بن نوفل، ابن عمها، الذي أخبره بأن ما رآه هو الناموس (جبريل) الذي نزل على الأنبياء من قبله.

 5. بداية الدعوة

**الدعوة السرية**: استمرت الدعوة سرًا لمدة ثلاث سنوات، حيث دعا النبي المقربين منه وأصدقائه وأفراد عائلته. أول من آمن به كان السيدة خديجة، ثم علي بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، وأبو بكر الصديق.

 **الدعوة الجهرية**: بعد ثلاث سنوات من الدعوة السرية، أمر الله نبيه بإعلان الدعوة جهرًا. لقي النبي وأصحابه معارضة شديدة من قريش، واتُّهم بالكذب والسحر والشعر.

 6. الإيذاء والهجرة

 **التعذيب والمقاطعة**: تعرض المسلمون الأوائل لأشد أنواع التعذيب من قريش، فاضطر بعضهم للهجرة إلى الحبشة هربًا من الاضطهاد.

 **عام الحزن**: فقد النبي ﷺ زوجته خديجة وعمه أبو طالب في نفس السنة، فسمي هذا العام بـ"عام الحزن".

**الإسراء والمعراج**: كانت رحلة الإسراء والمعراج حدثًا عظيمًا حيث أُسري بالنبي من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عُرج به إلى السماوات العلا. كانت هذه الرحلة تثبيتًا للنبي وتكريمًا له.

 7. الهجرة إلى المدينة

 **البيعة والهجرة**: بايع أهل يثرب (المدينة المنورة) النبي على حمايته ونصرته، فهاجر المسلمون تباعًا إلى المدينة. هاجر النبي بعد أن تآمرت قريش على قتله، ووصل إلى المدينة ليجد استقبالًا حافلًا.

 **تأسيس الدولة**: وضع النبي أول دستور مكتوب في الإسلام، وهو وثيقة المدينة، التي نظمت العلاقات بين المسلمين واليهود والمشركين في المدينة.

 8. الغزوات والفتوحات

 **غزوة بدر**: كانت أولى المعارك الكبرى في الإسلام، وانتصر فيها المسلمون رغم قلة عددهم، مما رفع من معنوياتهم.

 **غزوة أحد**: خسر المسلمون بسبب مخالفة الرماة لأمر النبي، وكانت درسًا في الطاعة والالتزام.

**غزوة الخندق**: تجمعت قريش وأحزاب العرب لمهاجمة المدينة، لكن المسلمين حفروا خندقًا حولها، مما أفشل خطط الأحزاب.

**صلح الحديبية**: اتفاقية بين المسلمين وقريش أعطت المسلمين فترة سلام ساعدتهم في نشر الإسلام وتعزيز قوتهم.

 **فتح مكة**: في السنة الثامنة للهجرة، فتح النبي مكة دون قتال كبير وعفا عن أهلها، معلنًا التسامح.

 9. وفاته

 **حجة الوداع**: في السنة العاشرة للهجرة، ألقى النبي خطبة الوداع التي تضمنت أهم المبادئ الإسلامية، وأعلن فيها إتمام الدين.

**الوفاة**: توفي النبي ﷺ في 12 ربيع الأول من السنة 11 للهجرة عن عمر يناهز 63 عامًا. دُفن في حجرة السيدة عائشة بجوار المسجد النبوي.

ترك النبي محمد ﷺ إرثًا خالدًا من القيم الإنسانية والدينية التي ألهمت الملايين حول العالم، وتعتبر حياته مثالًا للنبل والأخلاق الرفيعة.