أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

الربا و انواعها



الربا و انواعها

الربا هو من المواضيع المهمة في الفقه الإسلامي، ويعتبر من المحرمات التي وردت بشأنها نصوص شرعية صريحة في القرآن والسنة. يُعرف الربا بأنه الزيادة غير المشروعة التي يأخذها أحد الطرفين في المعاملات المالية مقابل الزمن، دون أن يقابلها منفعة حقيقية للطرف الآخر. وقد حرم الإسلام الربا بجميع أشكاله بسبب آثاره الضارة على المجتمع والاقتصاد.




هناك نوعان رئيسيان من الربا وفقاً للفقه الإسلامي: **ربا الفضل** و**ربا النسيئة**. سنتناول في هذا الموضوع تفصيلات كل نوع من الربا، مع ذكر الشروط والأحكام المتعلقة بكل منها.


1. **ربا النسيئة**:


هو النوع الأكثر شهرة والأكثر وضوحاً في التعاملات المالية، ويُعرف بأنه الزيادة في الدَّين مقابل الزمن. بعبارة أخرى، يتم منح قرض بشروط تقتضي زيادة مقدار السداد بناءً على تأخر السداد أو زيادة مدة القرض. ويعتبر هذا النوع من الربا هو الذي وردت بشأنه النصوص القطعية في القرآن الكريم.


**أمثلة على ربا النسيئة:**


إذا قام شخص بإقراض شخص آخر مبلغاً من المال لفترة زمنية معينة، واشترط عليه عند تأخير السداد أن يزيد المبلغ المستحق، فهذه الزيادة تعد ربا النسيئة.

 في المعاملات التجارية، قد يبيع أحد الأشخاص سلعة على أن يتم دفع ثمنها بعد فترة معينة، فإذا تأخر المشتري عن السداد، يُطلب منه دفع مبلغ إضافي كتعويض عن التأخير. هذه الزيادة تعد ربا النسيئة.


**النصوص الشرعية المتعلقة بربا النسيئة:**

 
في القرآن الكريم، يقول الله تعالى: **"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"** (آل عمران: 130). هذا النص يشير بوضوح إلى تحريم الزيادة على أصل المال.

 وفي السنة النبوية، جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: **"لعن رسول الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء"** (رواه مسلم). وهذا الحديث يدل على تحريم التعامل بالربا بكافة أشكاله ومراحله.


2.**ربا الفضل**:


ربا الفضل هو الزيادة في أحد العوضين في المعاملات التجارية عند تبادل السلع ذات القيم المتساوية من نفس الجنس. ويكون هذا النوع من الربا موجودًا عندما يتم تبادل سلع متشابهة لكن بزيادة في أحد العوضين، رغم أن السلع المتبادلة تكون من نفس الجنس. يحرم هذا النوع من الربا لأنه يؤدي إلى استغلال الفارق الزمني بين البيع والشراء.


**أمثلة على ربا الفضل:**


 إذا قام شخص بتبادل 100 جرام من الذهب مقابل 120 جراماً من الذهب، فهذا يعتبر ربا فضل. لأن الذهب والفضة هي من الأصناف التي تتطلب التساوي والتقابض في المجلس دون أي زيادة.

إذا قام شخص بتبادل 5 كيلوجرامات من التمر مقابل 7 كيلوجرامات من التمر، فإن هذه الزيادة تعتبر ربا فضل.


**النصوص الشرعية المتعلقة بربا الفضل:**

في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، قال: **"الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلًا بمثل، سواءً بسواء، يدًا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد"** (رواه مسلم). هذا الحديث يشير إلى وجوب التساوي في الوزن أو الكمية عند تبادل السلع المتشابهة، وإلا كان ربا فضل.

من خلال هذا الحديث، نجد أن ربا الفضل يتعلق بالسلع التي تندرج تحت فئات محددة (الذهب، الفضة، البر، التمر، الشعير، الملح)، ولكن العلماء توسعوا في هذه القائمة لتشمل السلع القابلة للتخزين والقياس بالوزن أو الحجم.


**الفرق بين ربا النسيئة وربا الفضل:**


 **ربا النسيئة** يعتمد على الزمن، وهو الزيادة في المبلغ مقابل تأخير السداد أو التأجيل.
- **ربا الفضل** يعتمد على الزيادة في الكمية أو القيمة عند تبادل السلع المتماثلة دون التقابض الفوري.


**أسباب تحريم الربا:**


1. **استغلال الفقراء والمحتاجين**:
الربا يؤدي إلى استغلال حاجات الناس المادية، حيث يقوم الأغنياء بإقراض الأموال للفقراء بفوائد عالية مما يثقل كاهلهم ويزيد من معاناتهم.

2. **تحقيق مبدأ العدالة**:

 الإسلام يسعى لتحقيق العدالة في التعاملات المالية، والربا يتناقض مع هذا المبدأ لأنه يسمح للبعض بتحقيق مكاسب غير عادلة على حساب الآخرين.

3. **تشجيع الإنتاج والعمل**:

 الربا يعوق التنمية الاقتصادية، لأنه يجعل المال وسيلة لتحقيق الأرباح دون العمل أو الإنتاج، وبالتالي يؤدي إلى كساد الأعمال وتقليل الإنتاجية.

4. **تقليل التكاتف الاجتماعي**:

 الربا يؤدي إلى تفكك المجتمع حيث يصبح الأفراد مشغولين فقط بمصالحهم الشخصية وتحقيق المكاسب المالية على حساب الآخرين، مما يؤدي إلى تآكل الروابط الاجتماعية.


**أثر الربا على المجتمع والاقتصاد:**

1. **زيادة
 الفجوة بين الأغنياء والفقراء**:

 الربا يساهم في تراكم الثروة لدى طبقة معينة، بينما يزداد الفقراء فقراً.

2. **عدم استقرار الاقتصاد**

 الاعتماد على الربا في الاقتصاد يؤدي إلى خلق اقتصاد هش قائم على الديون والفوائد المرتفعة، مما يزيد من احتمال حدوث أزمات مالية.

3. **الاضطرابات الاجتماعية**: 

الفقر الناتج عن الديون الربوية يؤدي إلى مشاكل اجتماعية مثل البطالة والجريمة.

**الحلول الإسلامية لمشكلة الربا:**

الإسلام لا يكتفي بتحريم الربا، بل يقدم حلولاً مالية بديلة تقوم على مبدأ المشاركة والتعاون، ومن أبرز هذه الحلول:

**نظام القروض الحسنة**:

 الإسلام يشجع على تقديم القروض بدون فوائد، حيث يتم إقراض المال للفقراء والمحتاجين دون اشتراط أية زيادة في المبلغ المسترد.

 **المضاربة**:

 حيث يتشارك الطرفان في الربح والخسارة، بدلاً من أن يتحمل أحدهما فقط الخسارة كما يحدث في الربا.

 **المرابحة**:

 وهي بيع السلعة بثمن معلوم مع زيادة ربح محدد، وهذا النوع من البيوع جائز بشرط الشفافية وعدم الغش.

**خاتمة**:

الربا في الإسلام محرم بجميع أشكاله، سواء كان ربا النسيئة أو ربا الفضل، لأنهما يؤديان إلى الظلم والاستغلال ويعوقان التنمية الاقتصادية والاجتماعية. الإسلام يدعو إلى التعامل المالي القائم على العدل والمساواة، ويحث على تقديم القروض بدون فوائد وتشجيع التعاون الاقتصادي بين الأفراد من خلال المشاركة في الأرباح والخسائر، بما يحقق مصلحة الجميع ويعزز من استقرار المجتمع.


تعليقات