أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

جمع القرآن الكريم في عهد عثمان رضي الله عنه




جمع القرآن الكريم في عهد عثمان رضي الله عنه




جمع القرآن الكريم في عهد الخليفة **عثمان بن عفان** رضي الله عنه كان مرحلة مهمة للغاية في تاريخ حفظ القرآن وتوحيد نصه بين المسلمين. هذا الجمع كان نتيجة لبعض الظروف التي نشأت بعد اتساع الفتوحات الإسلامية وتعدد القراءات بين المسلمين في المناطق المختلفة. وفيما يلي تفاصيل عملية جمع القرآن في عهد عثمان:


 **أسباب جمع القرآن في عهد عثمان:**


بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، توسعت الفتوحات الإسلامية وامتدت الدولة الإسلامية إلى مناطق بعيدة، مثل العراق، الشام، مصر، وخراسان. ومع هذا التوسع، بدأ المسلمون في هذه الأقاليم يتعلمون القرآن بلهجات وقراءات مختلفة، مما أدى إلى **ظهور اختلافات** في طريقة قراءة القرآن بين الصحابة وتلاميذهم في تلك المناطق.


 المسلمون في الكوفة كانوا يقرؤون القرآن بقراءة عبد الله بن مسعود.
 المسلمون في الشام كانوا يقرؤون بقراءة أبي الدرداء.
 أهل المدينة كانوا يقرؤون بقراءة أبي بن كعب.


 **انتشار الاختلافات والفتنة:**


هذه الاختلافات أدت إلى ظهور خلافات بين المسلمين، لدرجة أن بعضهم بدأ يكفر الآخرين بسبب اختلاف القراءة. أحد أبرز المواقف التي أثارت هذه الفتنة كانت عندما جاء **حذيفة بن اليمان**، الصحابي المعروف، من غزوة أرمينية وأذربيجان ورأى هذه الاختلافات بين الجنود في قراءات القرآن، فشعر بخطر كبير وذهب إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه قائلاً:


**"أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى."**


 **قرار عثمان بجمع القرآن:**


بعد أن أدرك عثمان رضي الله عنه خطورة الموقف، قرر اتخاذ خطوة جريئة لجمع القرآن وتوحيد قراءته. فقام بجمع كبار الصحابة وقرر نسخ القرآن في **مصحف واحد** رسمي، وتوزيعه على الأمصار الإسلامية. وهنا كلف لجنة من الصحابة، برئاسة **زيد بن ثابت** رضي الله عنه، الذي كان قد أشرف على جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق، وذلك لضمان دقة العمل.


 **لجنة جمع القرآن:**


لجنة جمع القرآن في عهد عثمان كانت تتألف من مجموعة من كبار الصحابة، أبرزهم:
**زيد بن ثابت** (رئيس اللجنة)
**عبد الله بن الزبير**
**سعيد بن العاص**
**عبد الرحمن بن الحارث بن هشام**



هذه اللجنة كانت مسؤولة عن جمع القرآن على القراءة التي قرأ بها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي **قراءة قريش**، وذلك لأن القرآن نزل بلهجة قريش، وكانوا يحتكمون إلى ذلك في أي خلاف في القراءات.


 **منهجية جمع القرآن في عهد عثمان:**


 اللجنة اعتمدت على المصحف الذي تم جمعه في عهد أبي بكر الصديق، والذي كان محفوظًا عند **حفصة بنت عمر**، زوجة النبي صلى الله عليه وسلم.
 اللجنة نسخت عدة نسخ من القرآن الكريم بعد مراجعته وتدقيقه، وضبطت النص القرآني على **قراءة واحدة** وهي قراءة قريش.
 بعد الانتهاء من النسخ، تم توزيع هذه المصاحف الرسمية على الأقاليم الإسلامية الكبرى، مثل الكوفة، البصرة، الشام، ومكة. وأُبقي مصحف في المدينة.


 **إتلاف المصاحف الأخرى:**


لضمان توحيد النص القرآني ودرء الفتنة، أمر عثمان رضي الله عنه بإتلاف كل المصاحف والنسخ غير الرسمية التي كانت تُقرأ بقراءات مختلفة. هذا الأمر أثار في البداية بعض الغضب من بعض الصحابة الذين كانوا يعتمدون على تلك القراءات، مثل **عبد الله بن مسعود**، ولكنه في النهاية تم الاتفاق على أن توحيد القراءة كان في مصلحة الأمة الإسلامية.


 **نتائج جمع القرآن في عهد عثمان:**


1. **توحيد القراءة**:

 تم توحيد قراءة القرآن في جميع الأقاليم الإسلامية، مما أنهى الخلافات والاختلافات بين المسلمين حول كيفية قراءة القرآن.

2. **المصاحف العثمانية**:

 المصاحف التي نسخت في عهد عثمان عُرفت بـ "المصاحف العثمانية"، وهي التي تم الاعتماد عليها كمرجع رئيسي لنص القرآن الكريم.

3. **حفظ القرآن الكريم**:

 جمع القرآن في مصحف موحد كان خطوة مهمة في حفظ النص القرآني للأجيال القادمة، ومنع حدوث أي تحريف أو تغيير فيه.

4. **ديمومة القرآن الكريم**:

 بفضل هذا الجمع العثماني، بقي القرآن الكريم كما هو حتى يومنا هذا، بنفس النص الذي نزل به على النبي محمد صلى الله عليه وسلم.


**الخلاصة:**


جمع القرآن الكريم في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه كان خطوة تاريخية وحاسمة لضمان بقاء النص القرآني موحدًا بين المسلمين، ومنع وقوع الخلافات والفتن بين الأقاليم المختلفة. كان هذا الجمع الثاني بعد جمع أبي بكر الصديق، لكنه كان الأهم من ناحية توحيد الأمة الإسلامية على مصحف واحد معتمد، وهو ما سهل الحفاظ على القرآن الكريم ونقله من جيل إلى جيل حتى وصلنا كما أنزل.

 

تعليقات